الفلك

الشمس: بنيتها الداخلية، غلافها الجوي، ومستقبلها الكوني

تمثل الشمس (Sun) النجم المركزي في نظامنا الشمسي، وهي جرم سماوي هائل يمثل المحور الذي تدور حوله جميع الكواكب والأجرام الأخرى. إنها ليست مجرد مصدر للضوء والحرارة، بل هي المحرك الأساسي للحياة والعمليات الفيزيائية على كوكب الأرض. على الرغم من أن الشمس تبدو لنا كرة نارية هادئة في السماء، إلا أنها في الحقيقة مفاعل نووي عملاق، يتميز بديناميكية معقدة ونشاط مستمر يؤثر على الفضاء المحيط بها لمسافات شاسعة. في هذه المقالة الأكاديمية، سنتعمق في دراسة الشمس من خلال استكشاف خصائصها الفيزيائية، بنيتها الداخلية والخارجية، مصدر طاقتها الهائلة، دوراتها النشطة، تأثيرها العميق على كوكبنا، ومستقبلها المحتوم. فهمنا لهذا النجم ليس مجرد فضول فلكي، بل هو ضرورة لفهم مكانتنا في الكون والقوى التي تشكل وجودنا.

خصائص الشمس الفيزيائية

تُصنف الشمس على أنها نجم من النوع الطيفي G2V، وهو تصنيف يشير إلى أنها نجم قزم أصفر يقع ضمن مرحلة التسلسل الرئيسي (Main Sequence). هذه المرحلة تعني أن الشمس حالياً في أوج استقرارها، حيث تقوم بتحويل الهيدروجين إلى هيليوم في نواتها عبر عملية الاندماج النووي. يبلغ قطر الشمس حوالي ١.٣٩ مليون كيلومتر، أي ما يعادل ١٠٩ أضعاف قطر الأرض، وحجمها يتسع لاستيعاب ما يقارب ١.٣ مليون كوكب بحجم الأرض. كتلتها الهائلة، التي تقدر بحوالي ١.٩٨٩ × ١٠^٣٠ كيلوغرام، تجعلها تستحوذ على ما نسبته ٩٩.٨٦٪ من إجمالي كتلة النظام الشمسي بأكمله. هذه الكتلة الجبارة هي مصدر الجاذبية الهائلة التي تبقي الكواكب، بما فيها الأرض، في مداراتها الدقيقة حولها.

من حيث التركيب الكيميائي، تتكون الشمس بشكل أساسي من عنصرين: الهيدروجين، الذي يشكل حوالي ٧٤٪ من كتلتها، والهيليوم، الذي يمثل حوالي ٢٤٪. النسبة المتبقية، والتي لا تتجاوز ٢٪، تتكون من مجموعة من العناصر الأثقل التي يسميها الفلكيون “المعادن”، مثل الأكسجين، والكربون، والنيون، والحديد. هذا التركيب هو نتاج تكوينها من سديم شمسي بدائي، وهو يعكس التركيب الكيميائي للكون في تلك الحقبة. تبلغ درجة حرارة سطح الشمس المرئي، أو ما يعرف بالفوتوسفير، حوالي ٥٥٠٠ درجة مئوية (أو ٥٧٧٨ كلفن)، بينما تصل درجات الحرارة في نواتها إلى مستويات خيالية تقدر بحوالي ١٥ مليون درجة مئوية. هذه الظروف القاسية في النواة هي التي تسمح بحدوث تفاعلات الاندماج النووي، وهي العملية التي تمد الشمس بطاقتها. إن فهم هذه الخصائص الأساسية ضروري قبل الخوض في تفاصيل بنيتها الداخلية المعقدة.

البنية الداخلية للشمس

لا يمكن مراقبة باطن الشمس مباشرة، ولكن العلماء يستخدمون نماذج حاسوبية متطورة ودراسات علم الزلازل الشمسية (Helioseismology) – وهو علم يدرس اهتزازات سطح الشمس لفهم ما يحدث في أعماقها – لتكوين صورة واضحة عن بنيتها الداخلية. تنقسم هذه البنية إلى ثلاث مناطق رئيسية ومتميزة: النواة، ومنطقة الإشعاع، ومنطقة الحمل الحراري.

١- النواة (The Core): تمتد النواة من مركز الشمس إلى حوالي ربع نصف قطرها. إنها الجزء الأكثر كثافة وسخونة، حيث تصل الكثافة إلى حوالي ١٥٠ ضعف كثافة الماء، والضغط يتجاوز ٢٠٠ مليار ضعف الضغط الجوي على سطح الأرض. في هذه الظروف المتطرفة، تحدث عملية الاندماج النووي. هنا، يتم ضغط ذرات الهيدروجين معًا بقوة هائلة لإنتاج الهيليوم، مطلقة كميات هائلة من الطاقة على شكل فوتونات (جسيمات ضوئية) عالية الطاقة، مثل أشعة جاما. كل الطاقة التي تنتجها الشمس تنشأ في هذه المنطقة الصغيرة نسبيًا ولكنها فائقة القوة.

٢- منطقة الإشعاع (The Radiative Zone): تحيط هذه المنطقة بالنواة وتمتد إلى حوالي ٧٠٪ من نصف قطر الشمس. في هذه المنطقة، تنتقل الطاقة الناتجة في النواة إلى الخارج عبر عملية الإشعاع. تتنقل الفوتونات عالية الطاقة من ذرة إلى أخرى، حيث يتم امتصاصها وإعادة إشعاعها مرارًا وتكرارًا في مسار عشوائي. بسبب الكثافة الهائلة للمادة في هذه المنطقة، قد يستغرق الفوتون الواحد ما بين ١٠٠,٠٠٠ إلى مليون عام ليشق طريقه من النواة عبر منطقة الإشعاع إلى السطح. خلال هذه الرحلة الطويلة، تفقد الفوتونات طاقتها تدريجيًا وتتحول من أشعة جاما عالية الطاقة إلى فوتونات ذات طاقة أقل، مثل الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية والضوء المرئي. إن دراسة هذه المنطقة من الشمس تكشف عن الآليات المعقدة لنقل الطاقة في النجوم.

٣- منطقة الحمل الحراري (The Convective Zone): هي الطبقة الخارجية من باطن الشمس، وتمتد من نهاية منطقة الإشعاع حتى السطح المرئي. في هذه المنطقة، تصبح البلازما (الغاز المتأين) أقل كثافة وشفافية، مما يجعل نقل الطاقة عبر الإشعاع غير فعال. بدلاً من ذلك، تنتقل الطاقة عبر الحمل الحراري. تعمل البلازما الساخنة في قاع هذه المنطقة على الارتفاع نحو السطح، مثل فقاعات الماء في وعاء يغلي. وعندما تصل إلى السطح، تبرد وتطلق طاقتها إلى الفضاء، ثم تهبط مرة أخرى إلى الأسفل لتسخن من جديد وتكرر الدورة. هذه الحركة المستمرة للبلازما هي المسؤولة عن المظهر الحبيبي لسطح الشمس، وهي أيضًا المحرك الرئيسي للمجالات المغناطيسية المعقدة التي تولد النشاط الشمسي.

الغلاف الجوي للشمس

ما نراه من الشمس هو في الواقع غلافها الجوي، وهو ليس طبقة صلبة بل مجموعة من طبقات الغاز المتوهج التي تزداد خفة كلما ابتعدنا عن المركز. ينقسم الغلاف الجوي للشمس إلى ثلاث طبقات رئيسية: الفوتوسفير، والكروموسفير، والهالة.

١- الفوتوسفير (Photosphere): هذه هي الطبقة السفلية من الغلاف الجوي، وهي السطح المرئي الذي نراه من الأرض. يبلغ سمكها بضع مئات من الكيلومترات فقط، وهي مصدر معظم الضوء الذي يصلنا. عند النظر إليها عبر التلسكوبات المتخصصة، يظهر الفوتوسفير بنمط حبيبي (Granulation) ناتج عن قمم خلايا الحمل الحراري الصاعدة من منطقة الحمل الحراري. تظهر أيضًا على هذه الطبقة البقع الشمسية (Sunspots)، وهي مناطق أبرد وأكثر قتامة ناتجة عن تركيزات قوية للمجال المغناطيسي. دراسة الفوتوسفير تعتبر مفتاح فهم العمليات الفيزيائية الأساسية على الشمس.

٢- الكروموسفير (Chromosphere): تقع هذه الطبقة مباشرة فوق الفوتوسفير، ويبلغ سمكها حوالي ٢٠٠٠ كيلومتر. تكون هذه الطبقة عادة غير مرئية بسبب سطوع الفوتوسفير الشديد، ولكن يمكن رؤيتها كحلقة حمراء وردية حول حافة الشمس أثناء الكسوف الكلي. درجة حرارة الكروموسفير ترتفع مع الارتفاع، من حوالي ٤٠٠٠ درجة مئوية عند قاعدتها إلى حوالي ٢٠٠٠٠ درجة مئوية في قمتها. تتميز هذه الطبقة بظواهر ديناميكية مثل الشواظ الشمسي (Spicules) وهي نافورات عملاقة من الغاز الساخن ترتفع وتهبط باستمرار، والانفجارات الشمسية (Prominences) وهي أقواس هائلة من البلازما تتبع خطوط المجال المغناطيسي.

٣- الهالة (Corona): هي الطبقة الخارجية والأكثر امتدادًا في الغلاف الجوي للشمس. تمتد لملايين الكيلومترات في الفضاء وتكون مرئية بالعين المجردة فقط أثناء الكسوف الكلي، حيث تظهر كتاج أبيض لؤلؤي يحيط بـالشمس المظلمة. الهالة هي أحد أكبر ألغاز الشمس، فدرجة حرارتها تصل إلى ما بين ١ إلى ٣ ملايين درجة مئوية، أي أنها أكثر سخونة بمئات المرات من سطح الشمس (الفوتوسفير). لا يزال العلماء يبحثون عن الآلية الدقيقة التي تسبب هذا التسخين الهائل، والذي يُعرف بـ “مشكلة تسخين الهالة” (Coronal Heating Problem). من هذه الطبقة الحارة والخفيفة، تنطلق الرياح الشمسية، وهي تيار مستمر من الجسيمات المشحونة التي تتدفق إلى جميع أنحاء النظام الشمسي.

مصدر طاقة الشمس الهائلة

تكمن القوة الحقيقية لـالشمس في قدرتها على إنتاج كميات هائلة من الطاقة بشكل مستمر منذ ما يقارب ٤.٦ مليار سنة. هذا المصدر ليس احتراقًا كيميائيًا، بل هو عملية فيزيائية نووية تُعرف بالاندماج النووي (Nuclear Fusion). في قلب الشمس، حيث الضغط والحرارة في أقصى مستوياتهما، تتحرك نوى ذرات الهيدروجين (البروتونات) بسرعة فائقة تسمح لها بالتغلب على قوة التنافر الكهربائي بينها والاندماج معًا.

التفاعل السائد في الشمس هو “سلسلة تفاعل بروتون-بروتون” (Proton-Proton Chain Reaction)، والتي تتم في ثلاث خطوات رئيسية:
١- يندمج بروتونان لتكوين نواة الديوتيريوم (وهو نظير للهيدروجين يحتوي على بروتون ونيوترون)، ويتم إطلاق بوزيترون (إلكترون موجب الشحنة) ونيوترينو.
٢- تندمج نواة الديوتيريوم مع بروتون آخر لتكوين نواة هيليوم-٣ (نظير خفيف للهيليوم يحتوي على بروتونين ونيوترون واحد)، ويتم إطلاق فوتون من أشعة جاما.
٣- تندمج نواتان من هيليوم-٣ لتكوين نواة هيليوم-٤ مستقرة (بروتونان ونيوترونان)، مع إطلاق بروتونين ليكونا متاحين لبدء التفاعل من جديد.

في هذه العملية، يكون مجموع كتلة نواة الهيليوم-٤ الناتجة أقل بقليل من مجموع كتل نوى الهيدروجين الأربعة الأصلية التي بدأت التفاعل. هذا الفارق الصغير في الكتلة لا يختفي، بل يتحول إلى كمية هائلة من الطاقة وفقًا لمعادلة أينشتاين الشهيرة E=mc² (الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء). كل ثانية، تحول الشمس حوالي ٦٠٠ مليون طن من الهيدروجين إلى ٥٩٦ مليون طن من الهيليوم. الأربعة ملايين طن المتبقية من المادة تتحول إلى طاقة نقية، وهي الطاقة التي تشعها الشمس وتصل إلى الأرض لتمنحنا الضوء والدفء. هذه العملية المستقرة هي ما يجعل الشمس منارة موثوقة للطاقة.

النشاط الشمسي ودوراته

على الرغم من مظهرها المستقر، إلا أن الشمس نجم نشط للغاية، وهذا النشاط تحكمه مجالاتها المغناطيسية المعقدة والمتغيرة. يتجلى هذا النشاط في عدة ظواهر، أبرزها البقع الشمسية، والتوهجات الشمسية، والانبعاثات الكتلية الإكليلية.

  • البقع الشمسية (Sunspots): هي مناطق داكنة ومؤقتة تظهر على سطح الشمس (الفوتوسفير). تبدو داكنة لأنها أبرد من المناطق المحيطة بها بحوالي ١٥٠٠ درجة مئوية. هذه البرودة ناتجة عن مجالات مغناطيسية قوية للغاية تخرج من باطن الشمس وتثبط حركة الحمل الحراري، مما يمنع البلازما الساخنة من الوصول إلى السطح.
  • التوهجات الشمسية (Solar Flares): هي انفجارات هائلة من الإشعاع تحدث بالقرب من البقع الشمسية عندما تتشابك خطوط المجال المغناطيسي وتطلق طاقتها فجأة. تطلق هذه التوهجات كميات هائلة من الطاقة عبر الطيف الكهرومغناطيسي، من موجات الراديو إلى أشعة جاما.
  • الانبعاثات الكتلية الإكليلية (Coronal Mass Ejections – CMEs): هي انفجارات أكبر وأكثر عنفًا، حيث يتم قذف مليارات الأطنان من البلازما والمجال المغناطيسي من هالة الشمس إلى الفضاء بسرعات تصل إلى ملايين الكيلومترات في الساعة.

يتبع هذا النشاط دورة منتظمة تُعرف بالدورة الشمسية (Solar Cycle)، والتي تستغرق حوالي ١١ عامًا في المتوسط. خلال هذه الدورة، يزداد عدد البقع الشمسية والتوهجات والانبعاثات الكتلية الإكليلية تدريجيًا ليصل إلى ذروته في ما يسمى بـ “الحد الأقصى الشمسي” (Solar Maximum)، ثم يتناقص تدريجيًا ليصل إلى أدنى مستوياته في “الحد الأدنى الشمسي” (Solar Minimum). هذه الدورة مدفوعة بتقلب المجال المغناطيسي العالمي لـالشمس، والذي ينعكس قطباه الشمالي والجنوبي في نهاية كل دورة. فهم هذه الدورة أمر بالغ الأهمية، حيث أن النشاط الشمسي يؤثر بشكل مباشر على بيئة الفضاء حول الأرض، أو ما يعرف بـ “طقس الفضاء” (Space Weather).

تأثير الشمس على النظام الشمسي

إن تأثير الشمس لا يقتصر على توفير الضوء والحرارة، بل يمتد ليشكل بيئة النظام الشمسي بأكمله.

  • الجاذبية: هي القوة الأساسية التي تحافظ على تماسك النظام الشمسي. جاذبية الشمس الهائلة تبقي كل الكواكب والأقمار والكويكبات والمذنبات في مداراتها.
  • الرياح الشمسية (Solar Wind): هذا التيار المستمر من الجسيمات المشحونة (معظمها إلكترونات وبروتونات) يتدفق من هالة الشمس في جميع الاتجاهات، ويخلق فقاعة عملاقة حول النظام الشمسي تُعرف بـ “الغلاف الشمسي” (Heliosphere). هذا الغلاف يحمي الكواكب من الأشعة الكونية عالية الطاقة القادمة من الفضاء بين النجوم.
  • التفاعل مع الأرض: عندما تصل الرياح الشمسية، وخاصة الانبعاثات الكتلية الإكليلية، إلى الأرض، فإنها تتفاعل مع المجال المغناطيسي لكوكبنا (Magnetosphere). هذا التفاعل هو المسؤول عن الظواهر الجميلة مثل الشفق القطبي (Aurora Borealis and Australis). ومع ذلك، يمكن للعواصف الشمسية الشديدة أن تشكل خطرًا، حيث يمكن أن تعطل شبكات الطاقة، وتتلف الأقمار الصناعية، وتشوش على أنظمة الاتصالات والملاحة (GPS)، وتشكل خطرًا على رواد الفضاء في المدار. لذلك، فإن مراقبة نشاط الشمس وفهمه أمر حيوي لحماية تقنياتنا الحديثة.

مراقبة الشمس عبر العصور

لطالما كانت الشمس محور اهتمام البشرية منذ فجر التاريخ. فالحضارات القديمة عبدتها وراقبت حركتها الظاهرية لوضع التقاويم وتحديد أوقات الزراعة والحصاد. مع اختراع التلسكوب في القرن السابع عشر، بدأ العصر الحديث لدراسة الشمس، حيث كان غاليليو غاليلي من أوائل من راقبوا البقع الشمسية ورسموا حركتها، مما أثبت أن الشمس تدور حول محورها.

في القرن التاسع عشر، أدى تطور التحليل الطيفي (Spectroscopy) إلى ثورة في فهمنا. من خلال تحليل طيف ضوء الشمس، تمكن العلماء من تحديد العناصر الكيميائية المكونة لها، وهو إنجاز كان يُعتقد أنه مستحيل. اليوم، يستخدم علماء الفلك مجموعة واسعة من المراصد الأرضية والفضائية لدراسة الشمس بتفاصيل غير مسبوقة. مراصد فضائية مثل مرصد الشمس وغلافها (SOHO)، ومرصد الديناميكيات الشمسية (SDO)، ومسبار باركر الشمسي (Parker Solar Probe) الذي “يلمس” هالة الشمس، تزودنا ببيانات مستمرة وصور مذهلة، مما يسمح لنا بفهم أعمق للفيزياء المعقدة التي تحكم نجمنا. دراسة الشمس لا تزال مجالًا نشطًا للبحث العلمي، حيث لا تزال هناك العديد من الألغاز التي تنتظر الحل.

مستقبل الشمس

مثل كل النجوم، فإن الشمس لها دورة حياة محددة، وهي حاليًا في منتصف عمرها تقريبًا. لقد استهلكت ما يقرب من نصف وقود الهيدروجين في نواتها على مدى الـ ٤.٦ مليار سنة الماضية، ولديها ما يكفي من الوقود للاستمرار في وضعها الحالي كنجم تسلسل رئيسي لمدة ٥ مليارات سنة أخرى. ولكن بعد ذلك، ستبدأ الشمس في المرور بتحولات دراماتيكية.

عندما ينفد الهيدروجين في النواة، ستتوقف تفاعلات الاندماج النووي فيها، مما يؤدي إلى انهيار النواة تحت تأثير جاذبيتها. هذا الانهيار سيزيد من درجة حرارة النواة والطبقات المحيطة بها، مما يؤدي إلى بدء اندماج الهيدروجين في غلاف يحيط بالنواة الخاملة. هذه الطاقة الإضافية ستؤدي إلى تمدد الطبقات الخارجية لـالشمس بشكل هائل، وستتحول إلى نجم عملاق أحمر (Red Giant). خلال هذه المرحلة، ستتضخم الشمس لدرجة أنها ستبتلع مدارات عطارد والزهرة، وربما الأرض.

بعد حوالي مليار سنة كمرحلة عملاق أحمر، ستصبح النواة ساخنة وكثيفة بما يكفي لبدء اندماج الهيليوم لإنتاج الكربون. بعد نفاد الهيليوم، ستكون الشمس قد وصلت إلى نهاية حياتها النشطة. ستتلاشى طبقاتها الخارجية وتنتشر في الفضاء، مكونة سديمًا كوكبيًا (Planetary Nebula) جميلًا. ما سيتبقى في المركز هو نواة الشمس المنهارة، وهي جرم صغير شديد الكثافة والحرارة يُعرف بالقزم الأبيض (White Dwarf). هذا القزم الأبيض سيستمر في التوهج بسبب حرارته المتبقية، لكنه سيبرد ببطء شديد على مدى تريليونات السنين حتى يصبح في النهاية قزمًا أسود باردًا ومظلمًا. هذا هو المصير النهائي لنجمنا، الشمس.

في الختام، فإن الشمس ليست مجرد كرة من الغاز المتوهج، بل هي نظام فيزيائي معقد وحيوي يحكم وجودنا. من نواتها التي تعمل كمفاعل نووي، إلى غلافها الجوي المضطرب الذي يطلق عواصف فضائية، وصولًا إلى تأثيرها العميق على كل كوكب في نظامنا. إن دراسة الشمس تعلمنا ليس فقط عن النجوم الأخرى في الكون، بل عن القوى الأساسية التي تشكل عالمنا. ومع استمرار الأبحاث، نكشف المزيد من أسرار هذا النجم الرائع الذي ندين له بوجودنا، مؤكدين أن الشمس ستظل دائمًا المصدر الأول للإلهام العلمي والدهشة الكونية.

الأسئلة الشائعة

١- كيف يعرف العلماء مكونات باطن الشمس مع أنه من المستحيل الوصول إليه؟

الإجابة: يعتمد العلماء على مجالين رئيسيين مترابطين لفهم البنية الداخلية للشمس، وهما النماذج الحاسوبية وعلم الزلازل الشمسي (Helioseismology). أولاً، يتم بناء نماذج رياضية وفيزيائية معقدة باستخدام الحواسيب الفائقة، حيث يتم إدخال الخصائص المعروفة للشمس مثل كتلتها، ونصف قطرها، وكمية الطاقة التي تشعها (إشعاعيتها)، وتركيبها الكيميائي السطحي. تطبق هذه النماذج قوانين الفيزياء الأساسية (مثل قوانين الجاذبية، والديناميكا الحرارية، والفيزياء النووية) لتوقع الظروف في باطن الشمس، بما في ذلك درجة الحرارة والكثافة والضغط في كل طبقة. ثانيًا، يأتي دور علم الزلازل الشمسي ليختبر دقة هذه النماذج. هذا العلم يدرس الموجات الصوتية التي تنتقل عبر باطن الشمس وتسبب اهتزازات طفيفة على سطحها (الفوتوسفير). من خلال مراقبة هذه الاهتزازات بدقة باستخدام مراصد مثل مرصد الشمس وغلافها (SOHO)، يمكن للعلماء تحديد سرعة ومسار هذه الموجات الصوتية. وبما أن سرعة الموجات تتغير بتغير كثافة ودرجة حرارة المادة التي تمر بها، فإن تحليل هذه البيانات يسمح للعلماء برسم خريطة مفصلة للبنية الداخلية للشمس، تمامًا كما يستخدم الجيولوجيون موجات الزلازل لدراسة باطن الأرض. تطابق البيانات المرصودة من علم الزلازل الشمسي مع توقعات النماذج الحاسوبية يعطي العلماء ثقة كبيرة في فهمنا الحالي لنواة الشمس ومنطقتي الإشعاع والحمل الحراري.

٢- ما هو السبب العلمي وراء كون هالة الشمس (Corona) أكثر سخونة بمئات المرات من سطحها المرئي (Photosphere)؟

الإجابة: تُعرف هذه الظاهرة بـ “مشكلة تسخين الهالة” (Coronal Heating Problem) وهي واحدة من أبرز الألغاز التي لم تُحل بالكامل في فيزياء الشمس. السطح المرئي للشمس، أو الفوتوسفير، تبلغ درجة حرارته حوالي ٥٥٠٠ درجة مئوية، بينما تقفز درجة حرارة الهالة، وهي الطبقة الخارجية الممتدة من غلافها الجوي، إلى ما يزيد عن مليون درجة مئوية. هذا الأمر يتعارض مع قوانين الديناميكا الحرارية البديهية التي تفترض أن الحرارة يجب أن تقل كلما ابتعدنا عن مصدر الطاقة الرئيسي (باطن الشمس). توجد حاليًا نظريتان رئيسيتان تحاولان تفسير هذه الظاهرة. النظرية الأولى هي “تسخين الموجات”، والتي تفترض أن الاضطرابات والحركات في منطقة الحمل الحراري تحت سطح الشمس تولد أنواعًا مختلفة من الموجات (مثل موجات ألفين المغناطيسية الصوتية). تنتقل هذه الموجات إلى الأعلى عبر الغلاف الجوي، وعندما تصل إلى الهالة ذات الكثافة المنخفضة جدًا، فإنها “تنكسر” وتطلق طاقتها فجأة، مما يؤدي إلى تسخين البلازما المحيطة إلى درجات حرارة هائلة. النظرية الثانية هي “إعادة الاتصال المغناطيسي” أو ما يعرف بـ “التوهجات النانوية” (Nanoflares). تفترض هذه النظرية أن سطح الشمس مغطى بشبكة معقدة من الحلقات المغناطيسية الصغيرة. عندما تتشابك هذه الحلقات وتلتوي وتتفاعل مع بعضها البعض، فإنها تنفجر فجأة في أحداث صغيرة ومتكررة تُسمى التوهجات النانوية، مطلقة كميات هائلة من الطاقة التي تسخن الهالة بشكل مستمر. تشير البيانات الحديثة من مسبار باركر الشمسي إلى أن كلا الآليتين قد تلعبان دورًا في تسخين الهالة.

٣- ما هي الرياح الشمسية، وكيف تحمي الأرض نفسها منها؟

الإجابة: الرياح الشمسية (Solar Wind) هي تيار مستمر من الجسيمات المشحونة، تتكون بشكل أساسي من الإلكترونات والبروتونات وقليل من نوى الهيليوم، التي تتدفق إلى الخارج من هالة الشمس شديدة الحرارة. بسبب درجة حرارة الهالة المرتفعة للغاية، تمتلك هذه الجسيمات طاقة حركية كافية للتغلب على جاذبية الشمس الهائلة والانتشار في جميع أنحاء النظام الشمسي بسرعات تتراوح بين ٣٠٠ إلى ٨٠٠ كيلومتر في الثانية. لحسن الحظ، يمتلك كوكب الأرض آلية دفاع طبيعية فعالة ضد هذا القصف المستمر، وهي الغلاف المغناطيسي (Magnetosphere). يتولد هذا الغلاف من حركة الحديد المنصهر في نواة الأرض الخارجية، وهو يمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات في الفضاء. عندما تصطدم الرياح الشمسية بالغلاف المغناطيسي، فإنه يعمل كدرع، حيث يحرف معظم الجسيمات المشحونة ويمنعها من الوصول إلى الغلاف الجوي السفلي وسطح الأرض. بعض هذه الجسيمات يتم توجيهها على طول خطوط المجال المغناطيسي نحو القطبين الشمالي والجنوبي، وعندما تتفاعل مع ذرات الغاز في الغلاف الجوي العلوي (مثل الأكسجين والنيتروجين)، فإنها تثيرها وتجعلها تتوهج، مما ينتج عنه ظاهرة الشفق القطبي (Aurora) المذهلة.

٤- ما الفرق الدقيق بين التوهج الشمسي (Solar Flare) والانبعاث الكتلي الإكليلي (CME)؟

الإجابة: على الرغم من أن كليهما يمثلان انفجارات طاقة هائلة على الشمس وغالبًا ما يحدثان معًا، إلا أنهما ظاهرتان فيزيائيتان مختلفتان. التوهج الشمسي هو انفجار هائل من الإشعاع الكهرومغناطيسي، يحدث عندما تطلق الطاقة المخزنة في المجالات المغناطيسية المتشابكة فوق البقع الشمسية فجأة. هذا الإشعاع ينتقل بسرعة الضوء ويصل إلى الأرض في غضون ٨ دقائق فقط. تأثيره الأساسي هو على الغلاف الجوي المتأين للأرض (الأيونوسفير)، حيث يمكن أن يسبب انقطاعًا في الاتصالات اللاسلكية عالية التردد (HF radio) ويؤثر على دقة أنظمة الملاحة GPS. أما الانبعاث الكتلي الإكليلي (CME) فهو انفجار وقذف لكميات هائلة من المادة الفعلية – أي البلازما (الغاز المتأين) والمجال المغناطيسي – من هالة الشمس إلى الفضاء. هذه السحابة العملاقة من المادة تسافر بشكل أبطأ بكثير من الضوء، وتستغرق من يوم إلى ثلاثة أيام للوصول إلى الأرض. عندما يصل الانبعاث الكتلي الإكليلي إلى الأرض، فإنه يصطدم بالغلاف المغناطيسي ويضغطه، مسببًا ما يُعرف بالعاصفة المغناطيسية الأرضية (Geomagnetic Storm). هذه العواصف هي المسؤولة عن الآثار الأكثر خطورة لطقس الفضاء، مثل التسبب في تيارات كهربائية قوية في شبكات الطاقة والأنابيب، وإتلاف إلكترونيات الأقمار الصناعية، وزيادة خطر الإشعاع على رواد الفضاء. باختصار، التوهج هو انفجار ضوء وإشعاع، بينما الانبعاث الكتلي الإكليلي هو انفجار مادة.

٥- لماذا تبدو البقع الشمسية داكنة اللون؟ وهل هي باردة بالفعل؟

الإجابة: تبدو البقع الشمسية (Sunspots) داكنة عند مقارنتها بالسطح المحيط بها (الفوتوسفير)، ولكنها في الحقيقة ليست داكنة أو باردة بالمعنى المطلق. إنها لا تزال شديدة السطوع والحرارة، ولو كانت البقعة الشمسية معزولة في الفضاء، لكانت تضيء أكثر من القمر المكتمل. السبب في مظهرها الداكن هو أنها أبرد نسبيًا من المناطق المجاورة لها. تبلغ درجة حرارة الفوتوسفير المحيط حوالي ٥٥٠٠ درجة مئوية، بينما تصل درجة حرارة مركز البقعة الشمسية (الظلة – Umbra) إلى حوالي ٤٠٠٠ درجة مئوية. هذا الفارق في درجة الحرارة يجعلها تشع ضوءًا أقل بكثير، مما يجعلها تبدو سوداء بالمقارنة. السبب الفيزيائي وراء هذه البرودة يكمن في المجالات المغناطيسية القوية للغاية. تتشكل البقع الشمسية في المناطق التي تخرج فيها خطوط المجال المغناطيسي من باطن الشمس وتخترق السطح. هذا المجال المغناطيسي القوي يثبط ويعيق عملية الحمل الحراري (Convection) تحت السطح، وهي الآلية التي تنقل الطاقة الحرارية من باطن الشمس إلى السطح. وبمنع البلازما الساخنة من الصعود، تصبح المنطقة أبرد وأقل سطوعًا من محيطها.

٦- هل تدور الشمس حول محورها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فبأي سرعة؟

الإجابة: نعم، تدور الشمس حول محورها، ولكن ليس كجسم صلب مثل الأرض. نظرًا لأن الشمس عبارة عن كرة ضخمة من البلازما (غاز متأين)، فإنها تظهر ما يعرف بالدوران التفاضلي (Differential Rotation). هذا يعني أن أجزاء مختلفة من الشمس تدور بسرعات مختلفة. تدور منطقة خط الاستواء الشمسي بشكل أسرع، حيث تكمل دورة كاملة في حوالي ٢٥ يومًا أرضيًا. وكلما اتجهنا شمالًا أو جنوبًا نحو القطبين، تتباطأ سرعة الدوران تدريجيًا. عند خطي عرض ٦٠ درجة، تستغرق الدورة حوالي ٣٠ يومًا، وعند القطبين، قد تستغرق ما يصل إلى ٣٥ يومًا. هذا الدوران التفاضلي يلعب دورًا حاسمًا في توليد النشاط الشمسي. فهو يتسبب في تمدد وتشابك والتواء خطوط المجال المغناطيسي للشمس بمرور الوقت. هذا التشابك يخزن كميات هائلة من الطاقة، والتي يتم إطلاقها في النهاية على شكل بقع شمسية وتوهجات وانبعاثات كتلية إكليلية، وهو المحرك الأساسي للدورة الشمسية التي تبلغ مدتها ١١ عامًا.

٧- ما الذي سيحدث للأرض عندما تتحول الشمس إلى عملاق أحمر؟

الإجابة: عندما تبدأ الشمس بالتحول إلى عملاق أحمر في غضون حوالي ٥ مليارات سنة، ستكون العواقب على الأرض كارثية ومدمرة. مع نفاد وقود الهيدروجين في نواتها، ستبدأ الشمس بالاندماج النووي في غلاف يحيط بالنواة، مما سيؤدي إلى تمدد طبقاتها الخارجية بشكل هائل. سيزداد حجم الشمس لدرجة أنها ستبتلع مداري عطارد والزهرة. مصير الأرض لا يزال موضع نقاش علمي. بعض النماذج تتوقع أن الأرض سيتم ابتلاعها بالكامل وتتبخر داخل الغلاف الجوي الشمسي المتوسع. نماذج أخرى تقترح أنه مع فقدان الشمس لكتلتها عبر الرياح النجمية القوية، ستضعف جاذبيتها، مما قد يسمح لمدار الأرض بالاتساع والانتقال إلى الخارج، وبالتالي تجنب الالتهام المباشر. ومع ذلك، حتى لو نجت الأرض من الابتلاع، فإنها لن تكون صالحة للحياة. ستؤدي الزيادة الهائلة في إشعاع الشمس إلى غليان محيطات الأرض بالكامل وتجريدها من غلافها الجوي، مما يحول سطحها إلى صخرة منصهرة قاحلة. في كلتا الحالتين، فإن نهاية مرحلة التسلسل الرئيسي للشمس تعني نهاية الحياة على الأرض كما نعرفها.

٨- كيف يتمكن العلماء من تحديد عمر الشمس بدقة؟

الإجابة: لا يمكن تحديد عمر الشمس مباشرة، ولكن يتم تقديره بشكل غير مباشر وبدقة عالية من خلال تحديد عمر أقدم الأجسام في النظام الشمسي، وهي النيازك. يُعتقد أن الشمس وجميع الكواكب والأجرام في النظام الشمسي قد تشكلت في نفس الوقت تقريبًا من نفس السحابة الأولية من الغاز والغبار (السديم الشمسي). لذلك، فإن عمر أقدم المواد الصلبة التي تشكلت في هذا السديم يعكس عمر النظام الشمسي بأكمله، بما في ذلك الشمس. يقوم العلماء بتحليل النيازك التي تسقط على الأرض، وخاصة نوعًا معينًا غنيًا بالكربون يُعرف بـ “الكوندريت الكربوني” (Carbonaceous Chondrites)، والذي يُعتقد أنه لم يتغير منذ تكوينه. يستخدمون تقنية التأريخ الإشعاعي (Radiometric Dating)، وتحديدًا من خلال قياس نسبة اضمحلال النظائر المشعة طويلة العمر مثل اليورانيوم-٢٣٨ إلى الرصاص-٢٠٦، أو الروبيديوم-٨٧ إلى السترونشيوم-٨٧. من خلال هذه القياسات الدقيقة، تمكن العلماء من تحديد أن أقدم المواد في نظامنا الشمسي يبلغ عمرها حوالي ٤.٦ مليار سنة. هذا الرقم، مدعومًا بنماذج التطور النجمي التي تتنبأ بعمر نجم بكتلة وخصائص الشمس، يعتبر حاليًا التقدير الأكثر دقة لعمر الشمس.

٩- هل ستنفجر الشمس في النهاية على شكل مستعر أعظم (Supernova)؟

الإجابة: لا، لن تنفجر الشمس على شكل مستعر أعظم. إن انفجارات المستعرات العظمى هي المصير النهائي للنجوم الضخمة جدًا فقط، تلك التي تزيد كتلتها عن ثمانية أضعاف كتلة الشمس على الأقل. هذه النجوم الضخمة تحرق وقودها بسرعة كبيرة وتعيش حياة قصيرة وعنيفة. عندما ينفد وقودها، تنهار نواتها بشكل كارثي تحت تأثير جاذبيتها الهائلة، مما يؤدي إلى انفجار هائل يمزق النجم ويطلق كميات خيالية من الطاقة والمادة في الفضاء. أما الشمس، فهي نجم متوسط الكتلة نسبيًا. كتلتها ليست كافية لتوليد الضغط والحرارة اللازمين لحدوث انهيار كارثي في نواتها. بدلاً من الانفجار، ستمر الشمس بمراحل نهاية حياة أكثر هدوءًا. بعد مرحلة العملاق الأحمر، ستقذف طبقاتها الخارجية بهدوء لتشكل سديمًا كوكبيًا (Planetary Nebula)، وهو سحابة متوسعة وجميلة من الغاز والغبار. ما سيتبقى في المركز هو نواة الشمس المنهارة، وهي جرم صغير وكثيف وحار يُعرف بالقزم الأبيض (White Dwarf)، والذي سيبرد ببطء شديد على مدى تريليونات السنين.

١٠- كيف يؤثر الضوء الأزرق والأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس على الحياة والصحة؟

الإجابة: ضوء الشمس هو طيف واسع من الإشعاع الكهرومغناطيسي، ويشمل الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية (UV). كلاهما له تأثيرات بيولوجية عميقة. الضوء الأزرق، وهو جزء من الطيف المرئي ذو طاقة عالية، يلعب دورًا حيويًا في تنظيم إيقاعات الساعة البيولوجية (Circadian Rhythms) لدى البشر والكائنات الحية الأخرى. التعرض لضوء الشمس الأزرق خلال النهار يساعد على تعزيز اليقظة وتحسين المزاج والأداء المعرفي، وينظم دورة النوم والاستيقاظ. ومع ذلك، فإن التعرض المفرط له في الليل، خاصة من الشاشات الإلكترونية، يمكن أن يثبط إنتاج هرمون الميلاتونين ويعطل النوم. أما الأشعة فوق البنفسجية (UV)، فهي غير مرئية ولها طاقة أعلى من الضوء المرئي، وتنقسم إلى ثلاثة أنواع: UVA، UVB، و UVC. معظم UVC يتم امتصاصه بواسطة طبقة الأوزون. أشعة UVB ضرورية بكميات صغيرة، حيث تحفز الجلد على إنتاج فيتامين D، وهو عنصر حيوي لصحة العظام ووظيفة المناعة. ومع ذلك، فإن التعرض المفرط لأشعة UVB و UVA يسبب أضرارًا كبيرة، بما في ذلك حروق الشمس، والشيخوخة المبكرة للجلد، وإتلاف الحمض النووي (DNA) في خلايا الجلد، مما يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان الجلد. لذلك، فإن العلاقة مع إشعاع الشمس هي علاقة توازن دقيق بين الفائدة والضرر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى