تكنولوجيا

الأمن السيبراني في العصر الرقمي: التحديات، الإستراتيجيات، والمستقبل

في عالم تتشابك فيه خيوط التكنولوجيا الرقمية مع كل جانب من جوانب حياتنا اليومية، من المعاملات المالية إلى الرعاية الصحية، ومن البنية التحتية الحيوية إلى التفاعلات الاجتماعية، أصبح الحفاظ على سلامة وأمان الفضاء الرقمي ضرورة قصوى لا يمكن الاستغناء عنها. هنا يبرز مفهوم الأمن السيبراني (Cybersecurity) كحجر الزاوية الذي يرتكز عليه استقرار واستمرارية هذا العالم المترابط. يُعرَّف الأمن السيبراني بأنه مجموعة الممارسات والتقنيات والعمليات المصممة لحماية الأنظمة والشبكات والبرامج والبيانات من الهجمات الرقمية أو الوصول غير المصرح به أو التلف أو التعطيل. هذه الهجمات لا تهدف فقط إلى سرقة المعلومات الحساسة، بل تسعى أيضاً إلى ابتزاز الأموال، أو تعطيل العمليات التجارية، أو حتى زعزعة استقرار الدول. لذلك، لم يعد الأمن السيبراني مجرد تخصص تقني، بل أصبح عنصراً استراتيجياً حيوياً للأفراد والمؤسسات والحكومات على حد سواء. تتناول هذه المقالة بعمق مفهوم الأمن السيبراني، وتستعرض أبعاده المختلفة، وأنواع التهديدات التي يواجهها، والاستراتيجيات الدفاعية المتبعة، ودور العنصر البشري، وتطبيقاته في القطاعات الحيوية، وأخيراً، تلقي نظرة على التحديات المستقبلية والتوجهات الحديثة في هذا المجال الحيوي.

المفهوم الأساسي للأمن السيبراني وأبعاده

لفهم نطاق الأمن السيبراني بشكل كامل، يجب أولاً تفكيكه إلى مكوناته الأساسية وأهدافه الجوهرية. في قلب ممارسات الأمن السيبراني يكمن “ثالوث أمن المعلومات” (CIA Triad)، وهو نموذج أساسي يهدف إلى توجيه سياسات أمن المعلومات داخل أي منظمة. يتكون هذا الثالوث من ثلاثة مبادئ رئيسية:

  1. السرية (Confidentiality): يهدف هذا المبدأ إلى ضمان أن المعلومات لا يتم الكشف عنها أو إتاحتها لأفراد أو كيانات أو عمليات غير مصرح لها. ببساطة، هو منع الوصول غير المصرح به إلى البيانات الحساسة. يتم تحقيق السرية من خلال تقنيات مثل التشفير (Encryption)، والتحكم في الوصول (Access Control)، وتصنيف البيانات. إن الحفاظ على السرية هو أحد الأهداف الأساسية التي يسعى إليها كل خبير في مجال الأمن السيبراني.
  2. التكاملية (Integrity): يعني هذا المبدأ الحفاظ على دقة واكتمال البيانات طوال دورة حياتها. يجب أن تظل البيانات غير معدلة من قبل أطراف غير مصرح لها. أي تغيير غير مصرح به في البيانات، سواء كان متعمداً أو عرضياً، يُعتبر خرقاً للتكاملية. تُستخدم تقنيات مثل التوقيعات الرقمية (Digital Signatures) و”الهاش” (Hashing) للتحقق من تكاملية البيانات. إن ضمان تكامل البيانات هو ركيزة أساسية في أي استراتيجية فعالة لـالأمن السيبراني.
  3. الإتاحة (Availability): يضمن هذا المبدأ أن الأنظمة والبيانات متاحة وقابلة للوصول عند الحاجة إليها من قبل المستخدمين المصرح لهم. تُعتبر هجمات الحرمان من الخدمة (Denial-of-Service) مثالاً كلاسيكياً على الهجمات التي تستهدف إتاحة الأنظمة. يتطلب تحقيق الإتاحة وجود بنية تحتية قوية، وخطط للتعافي من الكوارث، وأنظمة نسخ احتياطي موثوقة. يُعد ضمان الإتاحة جزءاً لا يتجزأ من مسؤوليات فريق الأمن السيبراني.

إلى جانب هذا الثالوث، يمتد نطاق الأمن السيبراني ليشمل عدة مجالات متخصصة، كل منها يركز على جانب معين من الفضاء الرقمي:

  • أمن الشبكات (Network Security): يركز على حماية البنية التحتية للشبكة من الوصول غير المصرح به أو إساءة الاستخدام. يشمل ذلك حماية الأجهزة مثل أجهزة التوجيه (Routers) والجدران النارية (Firewalls).
  • أمن التطبيقات (Application Security): يهدف إلى حماية البرامج والتطبيقات من التهديدات التي قد تستغل الثغرات في الشيفرة المصدرية (Source Code).
  • أمن المعلومات (Information Security): يركز على حماية البيانات، سواء كانت في حالة تخزين (at rest) أو في حالة نقل (in transit)، من الوصول غير المصرح به.
  • الأمن التشغيلي (Operational Security): يشمل العمليات والقرارات المتعلقة بمعالجة وحماية أصول البيانات. يتضمن ذلك تحديد الأصول الحساسة وتحديد الضوابط اللازمة لحمايتها.
  • التعافي من الكوارث واستمرارية الأعمال (Disaster Recovery and Business Continuity): يحدد كيفية استجابة المنظمة لحادثة أمن سيبراني أو أي حدث آخر يتسبب في فقدان العمليات أو البيانات.

أنواع التهديدات السيبرانية الشائعة

يتطور مشهد التهديدات السيبرانية باستمرار، حيث يبتكر المهاجمون أساليب جديدة وأكثر تعقيداً لاختراق الدفاعات. إن فهم هذه التهديدات هو الخطوة الأولى نحو بناء دفاعات فعالة. فيما يلي بعض الأنواع الأكثر شيوعاً للهجمات التي يتعامل معها متخصصو الأمن السيبراني:

  1. البرمجيات الخبيثة (Malware): مصطلح شامل يصف أي برنامج ضار مصمم لإلحاق الضرر بنظام الكمبيوتر أو سرقة البيانات. تشمل أنواع البرمجيات الخبيثة:
    • الفيروسات (Viruses): برامج ترفق نفسها بملفات نظيفة وتنتشر عبر الأنظمة، مما يؤدي إلى إتلاف وظائف النظام الأساسية.
    • برامج الفدية (Ransomware): تقوم بتشفير بيانات الضحية وتطالب بفدية مالية مقابل مفتاح فك التشفير. تُعتبر هذه الهجمات من أخطر التحديات التي تواجه عالم الأمن السيبراني اليوم.
    • برامج التجسس (Spyware): تسجل سراً أنشطة المستخدم، مثل ضغطات المفاتيح وبيانات الاعتماد، وترسلها إلى المهاجم.
    • أحصنة طروادة (Trojans): برامج ضارة تتنكر في شكل برامج شرعية لخداع المستخدمين لتثبيتها، مما يمنح المهاجمين وصولاً خلفياً إلى النظام.
  2. التصيد الاحتيالي (Phishing): هجوم يعتمد على الهندسة الاجتماعية، حيث يتم إرسال رسائل بريد إلكتروني احتيالية تبدو وكأنها من مصادر موثوقة لخداع الضحايا للكشف عن معلومات حساسة مثل كلمات المرور أو أرقام بطاقات الائتمان. يُعد التصيد الاحتيالي أحد أكثر ناقلات الهجوم شيوعاً، ويتطلب وعياً كبيراً من المستخدمين لمواجهته بفعالية، وهو ما يؤكد أهمية التدريب على الأمن السيبراني.
  3. هجمات الحرمان من الخدمة (Denial-of-Service – DoS/DDoS): تهدف هذه الهجمات إلى إغراق الخوادم أو الشبكات أو الأنظمة بسيل من حركة المرور أو الطلبات، مما يجعلها غير قادرة على الاستجابة للطلبات الشرعية. في هجوم الحرمان من الخدمة الموزع (DDoS)، يتم استخدام شبكة من الأجهزة المخترقة (Botnet) لشن الهجوم، مما يجعله أكثر قوة وصعوبة في التتبع.
  4. هجمات الوسيط (Man-in-the-Middle – MitM): يقوم المهاجم باعتراض الاتصال بين طرفين سراً للتجسس عليهما أو تعديل البيانات المتبادلة. غالباً ما تحدث هذه الهجمات على شبكات Wi-Fi العامة غير الآمنة.
  5. حقن SQL (SQL Injection): هجوم يستغل الثغرات في التطبيقات التي تعتمد على قواعد البيانات. يقوم المهاجم بإدخال تعليمات SQL ضارة في حقل إدخال (مثل مربع بحث)، مما قد يسمح له بالوصول إلى قاعدة البيانات بأكملها أو تعديلها أو حذفها. يتطلب منع هذه الهجمات ممارسات ترميز آمنة، وهي جزء أساسي من الأمن السيبراني المتعلق بالتطبيقات.
  6. استغلال الثغرات غير المكتشفة (Zero-day Exploit): هجوم يستهدف ثغرة أمنية في برنامج لم تكن معروفة للمطور أو للبائع بعد. هذا يعني أنه لا يوجد تصحيح (Patch) متاح لإصلاحها، مما يجعل الهجوم فعالاً للغاية حتى يتم اكتشاف الثغرة وإصلاحها.

استراتيجيات وتقنيات الدفاع في الأمن السيبراني

لمواجهة هذا الطيف الواسع من التهديدات، يعتمد مجال الأمن السيبراني على نهج دفاعي متعدد الطبقات (Defense-in-Depth)، حيث يتم تطبيق ضوابط أمنية متعددة لحماية الأصول الرقمية. إذا فشلت إحدى الطبقات الدفاعية، يمكن للطبقات الأخرى أن توقف الهجوم. تشمل هذه الاستراتيجيات والتقنيات ما يلي:

  • الجدران النارية (Firewalls): تعمل كحاجز بين شبكة داخلية موثوقة وشبكة خارجية غير موثوقة (مثل الإنترنت). تقوم بمراقبة حركة المرور الواردة والصادرة وتسمح بمرورها أو تمنعها بناءً على مجموعة من القواعد الأمنية المحددة مسبقاً.
  • أنظمة كشف ومنع التسلل (IDS/IPS): تقوم أنظمة كشف التسلل (IDS) بمراقبة الشبكة بحثاً عن الأنشطة الضارة أو انتهاكات السياسة وتقوم بتنبيه المسؤولين. أما أنظمة منع التسلل (IPS)، فلا تكتفي بالكشف، بل تتخذ إجراءات تلقائية لمنع الهجوم، مثل حظر عنوان IP المهاجم.
  • التشفير (Encryption): عملية تحويل البيانات من صيغة قابلة للقراءة إلى صيغة مشفرة لا يمكن فهمها إلا بوجود مفتاح فك التشفير. يُعد التشفير ضرورياً لحماية البيانات سواء كانت مخزنة على الأقراص (data at rest) أو أثناء نقلها عبر الشبكات (data in transit). إن تطبيق التشفير القوي هو من أساسيات الأمن السيبراني.
  • إدارة الهوية والوصول (Identity and Access Management – IAM): تتضمن هذه الأنظمة تحديد الأدوار والصلاحيات للمستخدمين، والتأكد من أن كل مستخدم لديه فقط الوصول الذي يحتاجه لأداء وظيفته (مبدأ الامتياز الأقل – Principle of Least Privilege). تشمل تقنيات مثل المصادقة متعددة العوامل (Multi-Factor Authentication – MFA) التي تضيف طبقة أمان إضافية تتجاوز مجرد كلمة المرور.
  • برامج مكافحة الفيروسات والبرمجيات الخبيثة (Antivirus/Antimalware): تقوم هذه البرامج بفحص الأنظمة والملفات لاكتشاف البرامج الضارة المعروفة وإزالتها. تعتمد الحلول الحديثة على تحليل السلوك لاكتشاف التهديدات الجديدة وغير المعروفة.
  • إدارة المعلومات والأحداث الأمنية (SIEM): تقوم أنظمة SIEM بجمع وتحليل البيانات من مصادر متعددة داخل الشبكة (مثل سجلات الخوادم، والجدران النارية) في الوقت الفعلي لتوفير رؤية شاملة للوضع الأمني وتحديد الأنشطة المشبوهة أو الهجمات المحتملة.
  • إدارة التحديثات والثغرات (Patch and Vulnerability Management): عملية تحديد الثغرات الأمنية في الأنظمة والبرامج وتطبيق التحديثات (Patches) التي تصدرها الشركات المصنعة لإصلاحها. يُعد التأخر في تطبيق التحديثات أحد الأسباب الرئيسية لنجاح الهجمات السيبرانية. لذلك، تُعتبر هذه الممارسة حجر الزاوية في أي برنامج ناضج لـالأمن السيبراني.

دور العنصر البشري في منظومة الأمن السيبراني

على الرغم من التطور الهائل في التقنيات الدفاعية، يظل العنصر البشري الحلقة الأضعف والأقوى في آن واحد ضمن منظومة الأمن السيبراني. يمكن أن يكون الموظفون غير المدربين سبباً في حدوث خروقات أمنية كارثية من خلال أخطاء بسيطة مثل النقر على رابط تصيد احتيالي، أو استخدام كلمات مرور ضعيفة، أو مشاركة معلومات حساسة عن غير قصد. تعتمد هجمات الهندسة الاجتماعية بشكل كامل على استغلال الطبيعة البشرية، مثل الثقة أو الخوف أو الفضول.

من ناحية أخرى، يمكن للعنصر البشري أن يكون خط الدفاع الأول والأكثر فعالية. عندما يكون الموظفون على دراية بمخاطر الأمن السيبراني ومدربين على كيفية التعرف على التهديدات والاستجابة لها، فإنهم يشكلون “جداراً نارياً بشرياً” قوياً. لذلك، يعد الاستثمار في برامج التوعية والتدريب على الأمن السيبراني أمراً بالغ الأهمية. يجب أن تشمل هذه البرامج:

  • تدريبًا منتظمًا: يجب أن يكون التدريب عملية مستمرة لمواكبة التهديدات المتغيرة، وليس حدثاً سنوياً لمرة واحدة.
  • محاكاة هجمات التصيد: إرسال رسائل بريد إلكتروني وهمية للموظفين لاختبار وعيهم وتدريبهم على التعرف على المحاولات الحقيقية.
  • سياسات وإجراءات واضحة: يجب وضع سياسات أمنية واضحة (مثل سياسة كلمة المرور، وسياسة الاستخدام المقبول) وتوصيلها بفعالية لجميع الموظفين.

إن بناء ثقافة أمنية قوية داخل المنظمة، حيث يشعر كل فرد بالمسؤولية تجاه الأمن السيبراني، هو استثمار استراتيجي لا يقل أهمية عن شراء أحدث التقنيات الأمنية.

الأمن السيبراني في القطاعات الحيوية

تتجاوز أهمية الأمن السيبراني حماية بيانات الشركات لتشمل حماية البنية التحتية الحيوية التي يعتمد عليها المجتمع. أي هجوم ناجح على هذه القطاعات يمكن أن يكون له عواقب مدمرة.

  • القطاع المالي والمصرفي: يتعامل هذا القطاع مع كميات هائلة من البيانات المالية الحساسة والمعاملات اليومية. يهدف الأمن السيبراني هنا إلى حماية أنظمة الدفع عبر الإنترنت، ومنع الاحتيال المالي، وتأمين بيانات العملاء، وضمان سلامة الأسواق المالية العالمية.
  • قطاع الرعاية الصحية: يحتوي هذا القطاع على معلومات صحية شخصية (PHI) شديدة الحساسية. يركز الأمن السيبراني في الرعاية الصحية على حماية سجلات المرضى الإلكترونية من السرقة أو التلاعب، وتأمين الأجهزة الطبية المتصلة بالشبكة (مثل مضخات الأنسولين وأجهزة تنظيم ضربات القلب)، وضمان استمرارية الخدمات الطبية.
  • قطاع الطاقة والمرافق: تعتمد شبكات الكهرباء ومحطات معالجة المياه وأنظمة توزيع الغاز على أنظمة تحكم صناعية (ICS) متصلة بالشبكة. يمكن أن يؤدي هجوم سيبراني ناجح على هذه الأنظمة إلى انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي أو تلوث إمدادات المياه، مما يهدد الأمن القومي. لذلك، يُعد الأمن السيبراني في هذا القطاع أولوية قصوى.
  • القطاع الحكومي والدفاعي: تتعامل الحكومات مع معلومات سرية تتعلق بالأمن القومي والدفاع والعلاقات الدولية. يهدف الأمن السيبراني الحكومي إلى حماية شبكات الدولة، ومنع التجسس السيبراني، وتأمين البنية التحتية العسكرية، وحماية بيانات المواطنين.

التحديات المستقبلية والتوجهات الحديثة في الأمن السيبراني

مجال الأمن السيبراني هو مجال دائم التطور، حيث تظهر تحديات جديدة باستمرار وتتطور التقنيات لمواجهتها. تشمل أبرز التوجهات والتحديات المستقبلية ما يلي:

  1. أمن إنترنت الأشياء (IoT Security): مع انتشار مليارات الأجهزة المتصلة بالإنترنت، من الأجهزة المنزلية الذكية إلى أجهزة الاستشعار الصناعية، ظهر سطح هجوم هائل جديد. غالباً ما تفتقر هذه الأجهزة إلى ميزات أمان مدمجة، مما يجعلها أهدافاً سهلة للمهاجمين الذين يمكنهم استخدامها لشن هجمات DDoS أو التجسس على المستخدمين. يمثل تأمين هذا النظام البيئي الواسع تحدياً كبيراً لمتخصصي الأمن السيبراني.
  2. الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي (AI/ML): يُستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في الأمن السيبراني لتحليل كميات هائلة من البيانات، واكتشاف الأنماط الشاذة التي قد تشير إلى هجوم، وأتمتة الاستجابة للحوادث بسرعة تفوق القدرات البشرية. ومع ذلك، يستخدم المهاجمون أيضاً الذكاء الاصطناعي لتطوير برمجيات خبيثة أكثر ذكاءً، وشن هجمات تصيد احتيالي مخصصة، واكتشاف الثغرات بشكل أسرع.
  3. الأمن السحابي (Cloud Security): مع انتقال المزيد من المؤسسات إلى البنية التحتية السحابية، تتغير نماذج الأمان. يصبح نموذج المسؤولية المشتركة (Shared Responsibility Model)، حيث يكون مزود الخدمة السحابية مسؤولاً عن أمان السحابة نفسها، والعميل مسؤولاً عن تأمين ما يضعه في السحابة، أمراً بالغ الأهمية. يتطلب الأمن السيبراني في البيئات السحابية مهارات وأدوات متخصصة.
  4. تهديد الحوسبة الكمومية (Quantum Computing Threat): على الرغم من أنها لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أن الحوسبة الكمومية لديها القدرة على كسر العديد من خوارزميات التشفير المستخدمة اليوم بسهولة. يستعد مجتمع الأمن السيبراني لهذا التهديد المستقبلي من خلال تطوير معايير تشفير جديدة مقاومة للكم (Quantum-resistant cryptography).
  5. فجوة المهارات في الأمن السيبراني: هناك طلب عالمي متزايد على محترفي الأمن السيبراني المهرة، وهو طلب يفوق العرض بكثير. هذه الفجوة في المواهب تجعل من الصعب على المنظمات بناء فرق أمنية قادرة على مواجهة التهديدات المتطورة.

الخاتمة

في الختام، يمكن القول إن الأمن السيبراني لم يعد خياراً، بل هو ضرورة حتمية في عالمنا الرقمي المترابط. إنه ليس مجرد مجموعة من الأدوات التقنية، بل هو نظام بيئي متكامل يشمل التكنولوجيا والعمليات والأفراد. يتطلب تحقيق الأمن السيبراني الفعال فهماً عميقاً للتهديدات، وتطبيق نهج دفاعي متعدد الطبقات، وبناء ثقافة أمنية قوية، والاستعداد المستمر لمواجهة التحديات المستقبلية. إن الاستثمار في الأمن السيبراني هو استثمار في الاستقرار والثقة والابتكار. في نهاية المطاف، تقع على عاتقنا جميعاً، كأفراد ومنظمات ومجتمعات، مسؤولية مشتركة لجعل الفضاء الرقمي مكاناً أكثر أماناً للجميع. إن الرحلة نحو تحقيق أمن سيبراني شامل هي رحلة مستمرة تتطلب اليقظة والتكيف والتعاون الدائم.

الأسئلة الشائعة

1. ما هو الأمن السيبراني بشكل دقيق؟
الإجابة: الأمن السيبراني هو مجموعة الممارسات والتقنيات والعمليات المصممة لحماية الأنظمة المتصلة بالإنترنت، بما في ذلك الأجهزة والبرامج والبيانات، من التلف أو الهجوم أو الوصول غير المصرح به. يهدف بشكل أساسي إلى ضمان سرية وسلامة وتوافر الأصول الرقمية.

2. ما الفرق بين الأمن السيبراني وأمن المعلومات؟
الإجابة: أمن المعلومات (Information Security) هو المفهوم الأوسع الذي يشمل حماية جميع المعلومات بغض النظر عن شكلها (رقمية، ورقية، وغيرها). بينما الأمن السيبراني (Cybersecurity) هو مجموعة فرعية متخصصة من أمن المعلومات تركز حصراً على حماية المعلومات والأصول في الفضاء الرقمي (السيبراني).

3. ما هو “ثالوث أمن المعلومات” (CIA Triad)؟
الإجابة: هو نموذج أساسي يحدد الأهداف الرئيسية لأي برنامج أمني. يتكون من ثلاثة مبادئ: السرية (Confidentiality) لضمان وصول المصرح لهم فقط، والتكاملية (Integrity) للحفاظ على دقة البيانات من التغيير غير المصرح به، والإتاحة (Availability) لضمان وصول المستخدمين المصرح لهم إلى البيانات عند الحاجة.

4. ما هي أكثر أنواع الهجمات السيبرانية شيوعاً؟
الإجابة: تشمل الأنواع الأكثر شيوعاً البرمجيات الخبيثة (Malware) مثل برامج الفدية، والتصيد الاحتيالي (Phishing) الذي يعتمد على الهندسة الاجتماعية لخداع المستخدمين، وهجمات الحرمان من الخدمة الموزعة (DDoS) التي تهدف إلى تعطيل الخدمات عبر إغراقها بحركة مرور زائفة.

5. ما هو دور العنصر البشري في الأمن السيبراني؟
الإجابة: يمثل العنصر البشري ازدواجية فريدة؛ فهو يُعتبر “الحلقة الأضعف” غالباً، حيث تحدث معظم الخروقات بسبب خطأ بشري أو الوقوع ضحية للهندسة الاجتماعية. وفي الوقت نفسه، يُعد “خط الدفاع الأول والأقوى” عند تزويده بالوعي والتدريب المناسبين للتعرف على التهديدات والإبلاغ عنها.

6. ما هي المصادقة متعددة العوامل (MFA) ولماذا هي ضرورية؟
الإجابة: هي طبقة أمان تتطلب من المستخدم تقديم شكلين أو أكثر من إثباتات الهوية للوصول إلى حساب أو تطبيق. وهي ضرورية لأنها توفر حماية قوية حتى في حالة سرقة كلمة المرور، مما يجعل الوصول غير المصرح به إلى الحسابات أكثر صعوبة بشكل كبير.

7. كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي (AI) على مجال الأمن السيبراني؟
الإجابة: يؤثر الذكاء الاصطناعي بشكل مزدوج. في الدفاع، يُستخدم لتحليل البيانات الضخمة واكتشاف التهديدات الشاذة وأتمتة الاستجابة للحوادث بسرعة. في الهجوم، يستخدمه المهاجمون لتطوير برمجيات خبيثة متكيفة وإنشاء حملات تصيد احتيالي أكثر إقناعاً وتخصيصاً.

8. ما هي الخطوات الأولى التي يجب أن تتخذها أي منظمة لبناء دفاع سيبراني قوي؟
الإجابة: يجب أن تبدأ المنظمات بإجراء تقييم للمخاطر لتحديد الأصول الحيوية والتهديدات المحتملة. بعد ذلك، يجب تطبيق الضوابط الأساسية مثل الجدران النارية، وبرامج مكافحة الفيروسات، والمصادقة متعددة العوامل، وإدارة التحديثات، وأخيراً، تطوير برنامج توعية وتدريب للموظفين.

9. ما هو الفرق بين برامج الفدية (Ransomware) وبرامج التجسس (Spyware)؟
الإجابة: برامج الفدية هي برامج ضارة تقوم بتشفير بيانات الضحية وتطالب بفدية مالية مقابل استعادتها. أما برامج التجسس، فتعمل سراً في الخلفية لجمع معلومات حساسة عن المستخدم، مثل عادات التصفح وبيانات الاعتماد، وإرسالها إلى جهة خارجية دون علم الضحية.

10. هل الأمن السيبراني مسؤولية قسم تكنولوجيا المعلومات فقط؟
الإجابة: إطلاقاً. الأمن السيبراني هو مسؤولية مشتركة تشمل كل فرد داخل المنظمة، من الإدارة العليا التي يجب أن توفر الموارد والدعم، إلى كل موظف يجب أن يتبع السياسات الأمنية ويكون يقظاً. بناء “ثقافة أمنية” قوية هو مفتاح الدفاع الفعال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى